التَّرِكَةُ أَوْ يُحَاصِصْ بِهِ الْغُرَمَاءَ، وَلاَ يَسْقُطُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ الأَْجَل. وَإِنْ ضَمِنَهُ ضَامِنٌ وَحَل عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَحِل عَلَى الآْخَرِ. وَقَدِ اسْتَدَل الْحَنَابِلَةُ عَلَى قَوْلِهِمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّل لاَ يَحِل بِالْمَوْتِ إِذَا وَثَّقَ الْوَرَثَةَ، فَقَالُوا: إِنَّ الأَْجَل حَقٌّ لِلْمَدِينِ فَلاَ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، كَسَائِرِ حُقُوقِهِ؛ وَلأَِنَّ الْمَوْتَ مَا جُعِل مُبْطِلاً لِلْحُقُوقِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِيقَاتٌ لِلْخِلاَفَةِ وَعَلاَمَةٌ عَلَى الْوِرَاثَةِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَرَكَ حَقًّا أَوْ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ (?) وَمَا قِيل بِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ هُوَ حُكْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَلاَ يَشْهَدُ لَهَا شَاهِدُ الشَّرْعِ بِاعْتِبَارٍ، وَلاَ خِلاَفَ فِي فَسَادِ هَذَا، فَعَلَى هَذَا يَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ كَمَا كَانَ وَيَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ مَالِهِ كَتَعَلُّقِ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ بِمَال الْمُفْلِسِ عِنْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحَبَّ الْوَرَثَةُ أَدَاءَ الدَّيْنِ، وَالْتِزَامَهُ لِلْغَرِيمِ، عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفُوا فِي الْمَال، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَرْضَى الْغَرِيمُ، أَوْ يُوَثِّقُوا الْحَقَّ بِضَمِينٍ مَلِيءٍ، أَوْ رَهْنٍ يَثِقُ بِهِ لِوَفَاءِ حَقِّهِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ لاَ يَكُونُونَ أَمْلِيَاءَ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِمُ الْغَرِيمُ، فَيُؤَدِّي إِلَى فَوَاتِ الْحَقِّ (?) .
وَيَرَى طَاوُسٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالزُّهْرِيُّ وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّل لاَ يَحِل بِمَوْتِ الْمَدِينِ، وَيَبْقَى إِلَى أَجَلِهِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ (?) .