الْفُقَهَاءِ عَلَى سَبِيل التَّعْبِيرَاتِ الَّتِي تَتَعَاقَبُ لِبَيَانِ الْمَعَانِي، فَإِذَا حَل أَحَدُهَا مَحَل الآْخَرِ لَمْ يَخْتَل الْقَصْدُ الْعِلْمِيُّ الْخَاصُّ مِنْ اخْتِيَارِ اللَّفْظِ.
وَالْمُصْطَلَحَاتُ لَهَا تَرْتِيبٌ وَاحِدٌ يَنْتَظِمُهَا مَهْمَا كَانَتْ صِيغَتُهَا وَمِقْدَارُ بَيَانِهَا، فَوَحْدَةُ التَّرْتِيبِ هِيَ الْمُحَقِّقَةُ لِلسُّهُولَةِ وَالْيُسْرِ، إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ تَصْنِيفِ الْمُصْطَلَحَاتِ فِيمَا بَيْنَهَا - لِنَاحِيَةٍ تَنْظِيمِيَّةٍ - تَبَعًا لِمِقْدَارِ بَيَانِهَا وَارْتِكَازِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، فَهِيَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ: مُصْطَلَحَاتٌ أَصْلِيَّةٌ، وَمُصْطَلَحَاتُ إِحَالَةٍ، وَمُصْطَلَحَاتُ دَلاَلَةٍ، وَإِلَيْكَ إِيضَاحُهَا:
أ - الْمُصْطَلَحَاتُ الأَْصْلِيَّةُ:
63 - وَهِيَ الَّتِي يُسْتَوْفَى بَيَانُهَا بِالتَّفْصِيل بِمُجَرَّدِ أَنْ تُذْكَرَ (وَيُسْتَعَانُ لِتَفْصِيل أَحْكَامِهَا بِذِكْرِهَا ضِمْنَ عَنَاوِينَ عَدِيدَةٍ مُرَتَّبَةٍ مَوْضُوعِيًّا) وَذَلِكَ لِكَوْنِ اللَّفْظِ هُوَ الْمَظِنَّةُ الْوَحِيدَةُ - أَوِ الْغَالِبَةُ - لاِسْتِخْرَاجِ بَيَانَاتِ الْمَوْضُوعِ حَيْثُ لاَ يَنْدَرِجُ تَحْتَ غَيْرِهِ كَجُزْءٍ تَابِعٍ لاَ يَحْسُنُ إِفْرَادُهُ عَنْهُ.
وَالأَْصْل فِي اعْتِبَارِ الْمُصْطَلَحِ أَصْلِيًّا أَنْ يَكُونَ جَدِيرًا بِالاِسْتِقْلاَل وَاسْتِجْمَاعِ بَيَانَاتِهِ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ لَيْسَ لَهُ مُنَازِعٌ، وَلاَ عَلاَقَةَ لِذَلِكَ بِالْكَمِّيَّةِ بَل الْعِبْرَةُ بِأَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ مَوْطِنٌ أَلْيَقُ بِانْدِرَاجِهِ ضِمْنَهُ وَتَفْصِيلِهِ فِيهِ.
أَمَّا إِيثَارُ لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْمَوْضُوعِ الْمُتَعَدِّدَةِ لِتُرْبَطَ بِهِ الْبَيَانَاتُ الْمُفَصَّلَةُ فَمَرَدُّهُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُفْرَدًا (كَالْحَجِّ، وَالْبَيْعِ، وَالشَّرِكَةِ) سَوَاءٌ أَكَانَ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى تَصَرُّفٍ أَمْ وَاقِعَةٍ عِبَادِيَّةٍ أَوْ تَعَامُلِيَّةٍ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُصْطَلَحُ مِنْ أَسْمَاءِ الأَْشْيَاءِ وَالذَّوَاتِ، وَلاَ يُعْدَل عَنْ الْمَصْدَرِ أَوِ الْمُفْرَدِ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ وَصْفٍ أَوْ جَمْعٍ إِلاَّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبَ فِي اسْتِعْمَالاَتِ الْفُقَهَاءِ، أَوْ كَانَ لَهُ دَلاَلَةٌ خَاصَّةٌ مُرَادَةٌ لاَ تَحْصُل بِالْمَصْدَرِ أَوِ الْمُفْرَدِ (كَالشَّهِيدِ، وَالأَْيْمَانِ) .
وَالاِلْتِزَامُ بِتَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِالْمُصْطَلَحِ الأَْصْلِيِّ لاَ يَمْنَعُ مِنْ إِحَالَةِ التَّفْصِيل لِبَعْضِ بَيَانَاتِهِ إِلَى مُصْطَلَحٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ فِيمَا يَتَكَرَّرُ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا، كَشُرُوطِ التَّعَاقُدِ