وَسُقُوطِ الْقَتْل عَنْهُ، بَل إِنَّ الرُّجُوعَ عَنْ قَتْل الأَْسِيرِ أَوْلَى؛ لأَِنَّهُ مَحْضُ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا حَدُّ الزِّنَا فَفِيهِ شَائِبَةُ حَقِّ آدَمِيٍّ.
أَمَّا إِذَا كَانَ مَا اخْتَارَهُ الإِْمَامُ أَوَّلاً هُوَ الْمَنُّ أَوِ الْفِدَاءُ فَلاَ يَرْجِعُ عَنْهُ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ؛ لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل نَقْضِ الاِجْتِهَادِ بِالاِجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ، كَمَا أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا اجْتَهَدَ فِي قَضِيَّةٍ فَلاَ يَنْقُضُ اجْتِهَادَهُ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ.
أَمَّا إِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا لِسَبَبٍ، ثُمَّ زَال ذَلِكَ السَّبَبُ، وَظَهَرَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي اخْتِيَارِ الثَّانِي لَزِمَهُ الْعَمَل بِمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ ثَانِيًا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيل نَقْضِ الاِجْتِهَادِ بِالاِجْتِهَادِ؛ لأَِنَّهُ انْتِقَالٌ إِلَى الاِخْتِيَارِ الثَّانِي لِزَوَال مُوجِبِ الاِخْتِيَارِ الأَْوَّل.
وَيُشْتَرَطُ فِي الاِسْتِرْقَاقِ وَالْفِدَاءِ اللَّفْظُ الدَّال عَلَى اخْتِيَارِهِمَا، وَلاَ يَكْفِي مُجَرَّدُ الْفِعْل؛ لأَِنَّهُ لاَ يَدُل عَلَيْهِ دَلاَلَةً صَرِيحَةً. أَمَّا فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْخِصَال، فَيَكْفِي الْفِعْل لِدَلاَلَتِهِ الصَّرِيحَةِ عَلَى اخْتِيَارِهَا. (?)
29 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حَدَّ الْمُحَارِبِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْجِنَايَةِ، فَلِكُل جِنَايَةٍ عُقُوبَتُهَا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَسَادًا