إِحْدَاهُمَا بِالنَّقْدِ، وَالأُْخْرَى بِالنَّسِيئَةِ، مِثْل أَنْ يَقُول بِعْتُكِ هَذَا نَقْدًا بِعَشَرَةٍ، وَبِالنَّسِيئَةِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ. يَرَى جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ (?) أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ إِذَا صَدَرَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لاَ يَصِحُّ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (?) ، جَاءَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: " كَذَلِكَ فَسَّرَهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ لَهُ بِبَيْعٍ وَاحِدٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَال بِعْتُكِ أَحَدَ هَذَيْنِ؛ وَلأَِنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ فَلَمْ يَصِحَّ، كَالْبَيْعِ بِالرَّقْمِ الْمَجْهُول "، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: لاَ بَأْسَ أَنْ يَقُول: أَبِيعُكِ بِالنَّقْدِ بِكَذَا، وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا، فَيَذْهَبُ إِلَى أَحَدِهِمَا. فَيَحْتَمِل أَنَّهُ جَرَى بَيْنَهُمَا بَعْدَمَا يَجْرِي فِي الْعَقْدِ، فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَال: أَنَا آخُذُهُ بِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا، فَقَال: خُذْهُ، أَوْ قَال: قَدْ رَضِيتُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ عَقْدًا كَافِيًا، فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ كَقَوْل الْجُمْهُورِ، فَعَلَى هَذَا: إِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى الإِْيجَابِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّ مَا مَضَى مِنَ الْقَوْل لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إِيجَابًا، فَهَذَا الْخِلاَفُ الْوَارِدُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ مَصْدَرُهُ