يُنَافِي هَذَا شَيْئًا مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِوَجْهٍ مَا، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى قَوْل الرَّادِّ " وَعَلَيْكُمْ "، بِنَاءً عَلَى السَّبَبِ الْمَذْكُورِ الَّذِي كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ فِي تَحِيَّتِهِمْ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَال أَلاَ تَرِينَنِي قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ، لَمَّا قَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ قَال: إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْل الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ (?)
وَالاِعْتِبَارُ وَإِنْ كَانَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ عُمُومُهُ فِي نَظِيرِ الْمَذْكُورِ لاَ فِيمَا يُخَالِفُهُ. قَال تَعَالَى {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُول} (?)
فَإِذَا زَال هَذَا السَّبَبُ وَقَال الْكِتَابِيُّ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَالْعَدْل فِي التَّحِيَّةِ يَقْتَضِي أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ نَظِيرُ سَلاَمِهِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. (?)
17 - وَأَمَّا حُكْمُ التَّحِيَّةِ بِغَيْرِ السَّلاَمِ لِلْكَافِرِ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ لِعُذْرٍ، أَوْ غَرَضٍ كَحَاجَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ لِعُذْرٍ