وَالسُّكْنَى يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، بِأَنْ يُعْتَبَرَ الْمُسَمَّى ثَمَنًا بِإِزَاءِ الْمَبِيعِ، وَأُجْرَةً بِإِزَاءِ الْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى، يَكُونُ إِجَارَةً فِي بَيْعٍ. وَلَوْ كَانَ لاَ يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ يَكُونُ إِعَارَةً فِي بَيْعٍ. وَوَجْهُ كَوْنِهِ رِبًا: أَنَّ الْمَشْرُوطَ زِيَادَةٌ فِي الْعَقْدِ عَارِيَّةً عَنِ الْعِوَضِ، وَهُوَ مَعْنَى الرِّبَا. (?)
وَمِثْلُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا لَوْ بَاعَ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ، اشْتُرِطَ بَقَاءُ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مُدَّةً. وَوَجْهُ مَنْعِهِ أَنَّهُ يَكُونُ إِجَارَةً أَوْ إِعَارَةً فِي بَيْعٍ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ كَذَلِكَ. (?)
وَيُوَافِقُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ مَمْنُوعٌ، وَأَنَّ مِثْل هَذَا الشَّرْطِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ، لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ.
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: فَهُوَ بَيْعٌ جَائِزٌ، حَيْثُ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَشْرُوطَةُ مَعْلُومَةً. وَقَالُوا: قَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ بَاعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَلاً وَاسْتَثْنَى حَمْلَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ (?)