وَالضَّرُورَةُ عِنْدَهُمْ مُنْحَصِرَةٌ فِيمَا إِذَا دَل الدَّلِيل عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِمَعْنًى فِي ذَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، أَوْ فِي جُزْئِهِ فَقَطْ، أَمَّا إِذَا دَل الدَّلِيل عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِمَعْنًى فِي وَصْفٍ لاَزِمٍ، فَلاَ ضَرُورَةَ فِي الْخُرُوجِ عَلَى الأَْصْل، وَلاَ فِي أَنْ لاَ يَجْرِيَ النَّهْيُ عَلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ الصِّحَّةُ؛ لأَِنَّ صِحَّةَ الأَْجْزَاءِ وَالشُّرُوطِ فِيهِ كَافِيَةٌ لِصِحَّةِ الشَّيْءِ، وَتَرْجِيحُ الصِّحَّةِ بِصِحَّةِ الأَْجْزَاءِ أَوْلَى مِنْ تَرْجِيحِ الْبُطْلاَنِ بِالْوَصْفِ الْخَارِجِيِّ، وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الضَّرُورَةُ قَائِمَةً، يَجْرِي النَّهْيُ عَلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَوْجُودًا شَرْعًا، أَيْ صَحِيحًا (?) .

الْفَرْقُ بَيْنَ الاِصْطِلاَحَاتِ الثَّلاَثَةِ: الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ وَالصِّحَّةِ:

150 - اتَّضَحَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْجُمْهُورَ لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَسَادِ وَبَيْنَ الْبُطْلاَنِ، خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ.

فَالصِّحَّةُ هُنَا - فِي الْعُقُودِ، وَمِنْهَا الْبَيْعُ - تَقْتَضِي بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ سَبَبًا لِتَرَتُّبِ آثَارِهِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ شَرْعًا، كَالْبَيْعِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِلْكِ.

أَمَّا الْبُطْلاَنُ، فَمَعْنَاهُ تَخَلُّفُ الأَْحْكَامِ عَنِ الْعُقُودِ، وَخُرُوجُ الْعُقُودِ عَنْ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا مُفِيدَةً لِلأَْحْكَامِ.

وَالْفَسَادُ يُرَادِفُ الْبُطْلاَنَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: هُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ مُغَايِرٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015