طَبِيبٍ إِذَا تَوَافَرَ أَنَّهُمْ ذَوُو حِذْقٍ فِي صِنَاعَتِهِمْ وَأَلاَّ يَتَجَاوَزُوا مَا يَنْبَغِي عَمَلُهُ. فَإِنْ تَحَقَّقَ هَذَانِ الشَّرْطَانِ فَلاَ ضَمَانَ؛ لأَِنَّ فِعْلَهُمْ مَأْذُونٌ فِيهِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ الْحَجَّامُ وَنَحْوُهُ حَاذِقًا وَتَجَاوَزَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاذِقًا، ضَمِنَ، لأَِنَّهُ إِتْلاَفٌ لاَ يَخْتَلِفُ ضَمَانُهُ بِالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَأَشْبَهَ إِتْلاَفَ الْمَال، وَلأَِنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فَيَضْمَنُ سِرَايَتَهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَلاَ نَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا.
142 - وَاسْتِئْجَارُ الْحَجَّامِ لِغَيْرِ الْحِجَامَةِ كَالْفَصْدِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَتَقْصِيرِهِ وَالْخِتَانِ وَقَطْعِ شَيْءٍ مِنَ الْجَسَدِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ، جَائِزٌ بِغَيْرِ خِلاَفٍ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهَا، وَلاَ تَحْرُمُ فِيهَا، فَجَازَتِ الإِْجَارَةُ فِيهَا وَأَخْذُ الأَْجْرِ عَلَيْهَا. (?)
143 - وَاسْتِئْجَارُ الطَّبِيبِ لِلْعِلاَجِ جَائِزٌ، وَأَخْذُهُ أَجْرًا عَلَى ذَلِكَ مُبَاحٌ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ خَطَؤُهُ نَادِرًا كَمَا يُصَرِّحُ الشَّافِعِيَّةُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَيَضْمَنُ. وَقَالُوا: إِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلْمُدَاوَاةِ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لأَِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْعَمَل وَالزَّمَنِ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَهُمْ، وَهُوَ مَا أَخَذَ بِهِ الْحَنَابِلَةُ: يُقَدَّرُ الاِسْتِئْجَارُ لِلْمُدَاوَاةِ بِالْمُدَّةِ دُونَ الْبُرْءِ، إِذِ الْبُرْءُ غَيْرُ مَعْلُومٍ. فَإِنْ دَاوَاهُ الْمُدَّةَ وَلَمْ يَبْرَأِ اسْتَحَقَّ الأَْجْرَ؛ لأَِنَّهُ وَفَّى الْعَمَل. وَإِنْ بَرِئَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ مَاتَ، انْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ، وَيَسْتَحِقُّ مِنَ الأَْجْرِ بِالْقِسْطِ. وَعِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّ أَجْرًا حَتَّى يَبْرَأَ. وَلَمْ يَحْكِ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ.