وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الاِسْتِجْرَارِ وَالتَّعَاطِي هُوَ: أَنَّ بَيْعَ الاِسْتِجْرَارِ أَعَمُّ، لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَقَدْ يَكُونُ بِالتَّعَاطِي، كَمَا أَنَّ الْغَالِبَ فِي الاِسْتِجْرَارِ تَأْجِيل الثَّمَنِ، وَعَدَمُ تَحْدِيدِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
تَتَعَدَّدُ صُوَرُ بَيْعِ الاِسْتِجْرَارِ، وَلِذَلِكَ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُ مِنْ صُورَةٍ لأُِخْرَى، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
صُوَرُ بَيْعِ الاِسْتِجْرَارِ الَّتِي وَرَدَتْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هِيَ:
3 - الصُّورَةُ الأُْولَى: أَنْ يَأْخُذَ الإِْنْسَانُ مِنَ الْبَيَّاعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا مِمَّا يُسْتَهْلَكُ عَادَةً، كَالْخُبْزِ وَالْمِلْحِ وَالزَّيْتِ وَالْعَدَسِ وَنَحْوِهَا، مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَقْتَ الأَْخْذِ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بَعْدَ اسْتِهْلاَكِهَا.
فَالأَْصْل عَدَمُ انْعِقَادِ هَذَا الْبَيْعِ؛ لأَِنَّ الْمَبِيعَ مَعْدُومٌ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَمِنْ شَرَائِطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا، لَكِنَّهُمْ تَسَامَحُوا فِي هَذَا الْبَيْعِ وَأَخْرَجُوهُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (اشْتِرَاطُ وُجُودِ الْمَبِيعِ) وَأَجَازُوا بَيْعَ الْمَعْدُومِ هُنَا اسْتِحْسَانًا، وَذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْقُنْيَةِ.
وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لَيْسَ هَذَا بَيْعَ مَعْدُومٍ،