وَاسْتِثْنَاءُ رَأْسِهِ وَجِلْدِهِ وَأَطْرَافِهِ وَسَوَاقِطِهِ. وَجَوَّزَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ فَقَطْ، إِذْ لاَ ثَمَنَ لِلسَّوَاقِطِ هُنَاكَ، وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ، وَلأَِنَّ الْمُسَافِرَ لاَ يُمْكِنُهُ الاِنْتِفَاعُ بِالْجِلْدِ وَالسَّوَاقِطِ، وَالدَّلِيل عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَرُّوا بِرَاعِي غَنَمٍ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرٌ فَاشْتَرَيَا مِنْهُ شَاةً. وَشَرَطَا لَهُ سَلَبَهَا أَيْ جِلْدَهَا وَأَكَارِعَهَا وَبَطْنَهَا (?) وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
وَمِمَّا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ مِنَ الاِسْتِثْنَاءِ مَا اعْتَبَرَهُ بَعْضُهُمْ شَرْطًا صَحِيحًا، فَأَجَازَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ، وَاعْتَبَرَهُ غَيْرُهُمْ شَرْطًا فَاسِدًا، فَأَبْطَلَهُ وَأَبْطَل الْبَيْعَ.
وَمِثَال ذَلِكَ: مَنْ يَبِيعُ الدَّارَ وَيُسْتَثْنَى سُكْنَاهَا شَهْرًا مَثَلاً، فَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَلاً، وَاشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيْ رُكُوبَهُ وَفِي لَفْظٍ: قَال: بِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلاَنَهُ إِلَى أَهْلِي (?) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَيَبْطُل الشَّرْطُ وَالْبَيْعُ، لأَِنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مُلاَئِمٍ (?) .