32 - إِنِ اقْتَتَل فَرِيقَانِ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ، فَإِنْ قَدَرَ الإِْمَامُ عَلَى قَهْرِهِمَا، لَمْ يُعَاوِنْ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لأَِنَّ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى خَطَأٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَهْرِهِمَا، وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى قِتَالِهِ، ضَمَّ إِلَى نَفْسِهِ أَقْرَبَهُمَا إِلَى الْحَقِّ. فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ فِي ضَمِّ أَحَدِهِمَا، وَلاَ يَقْصِدْ بِذَلِكَ مُعَاوَنَتَهُ عَلَى الآْخَرِ، بَل يَقْصِدُ الاِسْتِعَانَةَ بِهِ عَلَى الآْخَرِ، فَإِذَا انْهَزَمَ الآْخَرُ لَمْ يُقَاتِل الَّذِي ضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَدْعُوَهُ إِلَى الطَّاعَةِ؛ لأَِنَّهُ بِالاِسْتِعَانَةِ بِهِ حَصَل عَلَى الأَْمَانِ، نَصَّ عَلَى هَذَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (?) .
وَلَمْ يُوجَدْ فِيمَا رَجَعْنَا إِلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ حُكْمُ هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَجَاءَ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ قَتَل بَاغٍ مِثْلَهُ عَمْدًا فِي عَسْكَرِهِمْ، ثُمَّ ظَهَرَ أَهْل الْعَدْل عَلَى الْبُغَاةِ، فَلاَ شَيْءَ عَلَى الْقَاتِل؛ لِكَوْنِ الْمَقْتُول مُبَاحَ الدَّمِ؛ إِذْ لَوْ قَتَلَهُ الْعَادِل لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَلاَ يَجِبُ عَلَى الْبَاغِي الْقَاتِل دِيَةٌ وَلاَ قِصَاصٌ، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ وَلأَِنَّهُ لاَ وِلاَيَةَ لإِِمَامِ الْعَدْل حِينَ الْقَتْل، فَلَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِلْجَزَاءِ، كَالْقَتْل فِي دَارِ الْحَرْبِ (?) .