سَنَّ تِلْكَ السُّنَّةَ؛ وَلأَِنَّهُ يَتَحَمَّل وِزْرَ مَنْ تَبِعَهُ، مِصْدَاقًا لِحَدِيثِ: مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِل بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. كَمَا يَخْتَلِفُ الإِْثْمُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الإِْسْرَارِ وَالإِْعْلاَنِ؛ لأَِنَّ الْمُسِرَّ ضَرَرُهُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ لاَ يَتَعَدَّاهُ، بِخِلاَفِ الْمُعْلِنِ.
كَمَا يَخْتَلِفُ كَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الإِْصْرَارِ عَلَيْهَا أَوْ عَدَمِهِ، وَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا حَقِيقِيَّةً أَوْ إِضَافِيَّةً، وَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا كُفْرًا أَوْ غَيْرَ كُفْرٍ. (?)
28 - رَدَّ الْعُلَمَاءُ رِوَايَةَ مَنْ كَفَرَ بِبِدْعَتِهِ، وَلَمْ يَحْتَجُّوا بِهِ فِي صِحَّةِ الرِّوَايَةِ. وَلَكِنَّهُمْ شَرَطُوا لِلْكُفْرِ بِالْبِدْعَةِ، أَنْ يُنْكِرَ الْمُبْتَدِعُ أَمْرًا مُتَوَاتِرًا مِنَ الشَّرْعِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.
أَمَّا مَنْ لَمْ يَكْفُرْ بِبِدْعَتِهِ، فَلِلْعُلَمَاءِ فِي رِوَايَتِهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: لاَ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ رَأْيُ الإِْمَامِ مَالِكٍ؛ لأَِنَّ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ الْمُبْتَدِعِ تَرْوِيجًا لأَِمْرِهِ وَتَنْوِيهًا بِذِكْرِهِ؛ وَلأَِنَّهُ أَصْبَحَ فَاسِقًا بِبِدْعَتِهِ.
الثَّانِي: يُحْتَجُّ بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِل الْكَذِبَ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ دَاعِيَةً أَمْ لاَ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَالثَّوْرِيِّ.