وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةً عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ مِنْ أَجْل سِقَايَتِهِ (?) " وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَتْرُكَ الْوَاجِبَ لأَِجْل السِّقَايَةِ، وَلاَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخِّصُ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَفِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى السُّنَّةِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (?) .
وَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، وَعِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَبِيتَ سُنَّةٌ فَقَدْ أَسَاءَ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُلِّهَا إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّل، أَمَّا مَنْ تَعَجَّل فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى مَبِيتِ لَيْلَتَيْنِ فَقَطْ، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ مَبِيتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ لِلآْيَةِ الْكَرِيمَةِ.
وَيُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى لِلسُّقَاةِ وَالرُّعَاةِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْل سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ (?) وَلِحَدِيثِ مَالِكٍ: رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرِعَاءِ الإِْبِل فِي الْبَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ