أَوْ عُرْفِيَّةٌ، وَأَنَّهَا تَارَةً تَكُونُ مُقَيَّدَةً بِقُيُودٍ لَفْظِيَّةٍ، وَتَارَةً تَقُومُ الْقَرَائِنُ عَلَى تَقْيِيدِهَا، وَقَدْ يَقْصِدُ الْحَالِفُ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ أَوْ لاَ يَحْتَمِلُهُ، وَكُل هَذَا يَخْتَلِفُ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ تَبَعًا لاِخْتِلاَفِهِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ عِنْدَ اخْتِلاَفِ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَالنِّيَّةِ وَالسِّيَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تُتْبَعُ مُرَتَّبَةً مَعَ بَيَانِ اخْتِلاَفِ الْمَذَاهِبِ فِيهَا.

الْقَاعِدَةُ الأُْولَى: مُرَاعَاةُ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ:

153 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ (?) وَالْمَعْنَى: يَمِينُكَ الَّتِي تَحْلِفُهَا، مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي لَوْ نَوَيْتَهُ، وَكُنْتَ صَادِقًا، لاَعْتَقَدَ خَصْمُكَ أَنَّكَ صَادِقٌ فِيهَا، وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يَخْطِرُ بِبَالِهِ حِينَ اسْتِحْلاَفِهِ إِيَّاكَ، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ مُتَّفِقًا مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ التَّوْرِيَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُسْتَحْلِفِ لاَ تَنْفَعُ الْحَالِفَ، بَل تَكُونُ يَمِينُهُ غَمُوسًا تَغْمِسُهُ فِي الإِْثْمِ.

وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، غَيْرَ أَنَّ لَهُمْ تَفْصِيلاَتٍ وَشَرَائِطَ بَيَانُهَا فِيمَا يَلِي:

154 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: حَكَى الْكَرْخِيُّ أَنَّ الْمَذْهَبَ كَوْنُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إِنْ كَانَ مَظْلُومًا، فَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ، لَكِنْ فَرَّقَ الْقُدُورِيُّ بَيْنَ الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي وَعَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015