وَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ التَّعْلِيقَاتِ هَذِهِ الصِّفَةُ، فَهِيَ تُخَالِفُ الْيَمِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي أُمُورٍ:
الأَْمْرُ الأَْوَّل: أَنَّهَا تُعْتَبَرُ مِنْ قَبِيل الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، بِخِلاَفِ تَعْلِيقِ الْكُفْرِ فَقَدْ قَرَّرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِذَاتِهِ، لَكِنَّهُمْ قَرَّرُوا أَيْضًا أَنَّ يَمِينَ الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ إِذَا كَانَتْ لِلاِسْتِيثَاقِ جَازَتْ عَلَى الأَْصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ.
الأَْمْرُ الثَّانِي: أَنَّهَا لاَ تَنْقَسِمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِلَى غَمُوسٍ وَلَغْوٍ وَمُنْعَقِدَةٍ، بَل تُعْتَبَرُ كُلُّهَا مُنْعَقِدَةً، سَوَاءٌ أَقَصَدَ بِهَا تَأْكِيدَ خَبَرٍ أَمْ تَأْكِيدَ حَثٍّ أَوْ مَنْعٍ، فَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ وَنَحْوِهِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا وَقَعَ طَلاَقُهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ صَادِقٌ وَكَانَ مُخْطِئًا فِي اعْتِقَادِهِ (?) لأَِنَّ الطَّلاَقَ وَالْعِتْقَ وَالْتِزَامَ الْقُرْبَةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْهَزْل وَالْجِدُّ؛ لِحَدِيثِ: ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ (?) .
وَيُقَاسُ بِالطَّلاَقِ الْعَتَاقُ وَالْتِزَامُ الْقُرْبَةِ، فَإِذَا كَانَ هَزْل هَذِهِ الثَّلاَثَةِ جِدًّا، فَالْكَذِبُ فِي الْحَلِفِ بِهَا يَكُونُ جِدًّا أَيْضًا، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ؛ لأَِنَّ هَزْلَهَا جِدٌّ أَيْضًا كَمَا سَبَقَ، لَكِنْ لَمْ يُلْحَقْ فِيهَا الْغَمُوسُ وَاللَّغْوُ بِالْهَزْل لأَِدِلَّةٍ أَخْرَجَتْهُمَا.
الأَْمْرُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ يَقَعُ جَزَاؤُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِوُقُوعِ الشَّرْطِ، فَتَعْلِيقُ الطَّلاَقِ يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ عِنْدَ تَحَقُّقِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكَذَا تَعْلِيقُ الْعَتَاقِ، وَأَمَّا تَعْلِيقُ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ فَيُخَيَّرُ الْحَالِفُ بِهِ