كُفْرًا، إِلاَّ إِذَا كَانَ قَائِلُهُ رَاضِيًا بِالْكُفْرِ، وَهَذَا هُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْغَمُوسِ وَغَيْرِهَا، وَيُقَابِلُهُ رَأْيَانِ فِي الْغَمُوسِ - أَيِ الْحَلِفِ عَلَى الْكَذِبِ الْعَمْدِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لاَ يَكْفُرُ وَإِنِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ.

ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ يَكْفُرُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدِ الْكُفْرَ.

وَوَجْهُ الأَْوَّل: أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ مِنِ اعْتِقَادِ الْكُفْرِ الرِّضَى بِهِ، فَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ يُقْدِمُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ. وَالْحَالِفُ غَرَضُهُ تَرْوِيجُ كَذِبِهِ أَوْ إِظْهَارُ امْتِنَاعِهِ، فَهُوَ حِينَمَا يَنْطِقُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا إِنَّمَا يَأْتِي بِهِ صُورَةً مَحْضَةً خَالِيَةً مِنَ الرِّضَى بِالْكُفْرِ.

وَوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْحَالِفَ لَمَّا عَلَّقَ الْكُفْرَ بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ كَانَ تَنْجِيزًا فِي الْمَعْنَى، كَأَنَّهُ قَال ابْتِدَاءً: هُوَ كَافِرٌ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِْسْلاَمِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَال (?) .

حُكْمُ الإِْقْدَامِ عَلَى تَعْلِيقِ الْكُفْرِ فِي بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ:

143 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَحْرُمُ تَعْلِيقُ الْكُفْرِ بِقَصْدِ الْحَلِفِ، وَلاَ يَرْتَدُّ إِنْ فَعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَفَعَلَهُ أَمْ لَمْ يَفْعَلْهُ، لأَِنَّهُ ارْتَكَبَ ذَنْبًا.

فَإِنْ قَصَدَ الإِْخْبَارَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ كَانَ رِدَّةً، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ هَزْلاً (?) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَحْرُمُ تَعْلِيقُ الْكُفْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015