وَقَال مَالِكٌ: لاَ يُسْتَحْلَفُ إِلاَّ فِي كُل دَعْوَى لاَ تَحْتَاجُ إِلَى شَاهِدَيْنِ. وَعَنْ أَحْمَدَ: لاَ يُسْتَحْلَفُ إِلاَّ فِيمَا يَصِحُّ بَذْلُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: لاَ يُسْتَحْلَفُ إِلاَّ فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُول.
وَمَثَّل لَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ بِمَنِ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ، وَلِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ، فَأَنْكَرَ. فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حَكَمَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَصِيِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُول، وَالْوَصِيُّ لاَ يُقْبَل إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ نَكَل لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ، فَلاَ فَائِدَةَ فِي تَحْلِيفِهِ.
وَهَذَا الْخِلاَفُ الْمُتَقَدِّمُ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ هُوَ فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمَنِ، أَمَّا الْمُؤْتَمَنُ فَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ، عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لأَِنَّهُ مُنْكِرٌ فَيَدْخُل فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ: الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ.
الثَّانِي: لاَ يَمِينَ؛ لأَِنَّهُ صَدَّقَهُ، وَلاَ يَمِينَ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَهُوَ قَوْل الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ.
الثَّالِثُ: وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ. لاَ يَمِينَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يُتَّهَمَ؛ لأَِنَّهُ إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تُنَافِي مَعْنَى الاِئْتِمَانِ فَقَدِ اخْتَل الاِئْتِمَانُ (?) .
وَتَفْصِيل مَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّ الاِسْتِحْلاَفَ لاَ يَكُونُ فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ، بِأَنْ