تَقَدَّمَ الْكَلاَمُ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا الاِسْتِحْقَاقُ وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
24 - الاِسْتِحْقَاقُ: ظُهُورُ كَوْنِ الشَّيْءِ حَقًّا وَاجِبًا لِلْغَيْرِ، (?) فَإِذَا بِيعَ أَوِ اسْتُؤْجِرَ شَيْءٌ ثُمَّ ظَهَرَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ حَقٌّ لِغَيْرِ الْبَائِعِ أَوِ الْمُؤَجِّرِ فَهَل يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ؟ .
صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالاِسْتِحْقَاقِ لاَ يُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ، بَل يُوجِبُ تَوَقُّفَهُ عَلَى إِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ. فَإِذَا لَمْ يُجِزِ الْمُسْتَحِقُّ الْعَقْدَ، أَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، أَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْبَائِعِ بِدَفْعِ الثَّمَنِ، فَحَكَمَ لَهُ بِذَلِكَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ، وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنَ الْبَائِعِ. (?)
وَانْفِسَاخُ الْبَيْعِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. (?)
هَذَا إِذَا كَانَ الاِسْتِحْقَاقُ قَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ إِذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي، أَوْ نُكُولِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ.
وَهَذَا إِذَا اسْتَحَقَّ كُل الْمَبِيعِ. أَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ، فَقِيل: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْكُل، وَقِيل: يَنْفَسِخُ فِي الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ فَقَطْ، وَقِيل: يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ فِي الْجَمِيعِ وَبَيْنَ فَسْخِهِ فِي الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ. وَبَعْضُهُمْ فَصَلُوا بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْجُزْءُ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا أَوْ مُشَاعًا. (?)