ثَانِيًا: مَوْتُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا:

15 - لاَ يُؤَثِّرُ الْمَوْتُ فِي انْفِسَاخِ جَمِيعِ الْعُقُودِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَبَعْضُ الْعُقُودِ يَتِمُّ الْغَرَضُ مِنْهَا بَعْدَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول فَوْرًا، فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى الْعَاقِدَيْنِ وَأَهْلِيَّتِهِمَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا، كَالْبَيْعِ الَّذِي يُفِيدُ تَمَلُّكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، وَتَمَلُّكَ الْبَائِعَ الثَّمَنَ فَوْرَ إِنْشَائِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْرُونًا بِالْخِيَارِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلاَهُمَا بَعْدَ إِتْمَامِ الْعَقْدِ وَانْتِقَال مِلْكِيَّةِ الْبَدَلَيْنِ لاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَعَلَى عَكْسِ ذَلِكَ يَنْتَهِي عَقْدُ النِّكَاحِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ؛ لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ دَوَامُ الْعِشْرَةِ وَقَدْ زَال بِالْمَوْتِ.

وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ، وَهُنَاكَ عُقُودٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْفِسَاخِهَا بِالْمَوْتِ، كَعَقْدِ الإِْجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَعُقُودٌ أُخْرَى اتَّفَقُوا عَلَى انْفِسَاخِهَا بِالْمَوْتِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَكْيِيفِ انْفِسَاخِهَا وَتَعْلِيلِهِ، كَعُقُودِ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ، (?) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:

انفساخ العقود اللازمة:

أ - انْفِسَاخُ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ:

16 - الْعُقُودُ اللاَّزِمَةُ هُوَ مَا لاَ يَسْتَبِدُّ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِفَسْخِهَا، كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالصُّلْحِ وَنَحْوِهَا.

وَبَعْضُ هَذِهِ الْعُقُودِ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى امْتِدَادِ الزَّمَنِ، فَلاَ أَثَرَ لِلْمَوْتِ فِي انْفِسَاخِهَا بَعْدَ تَمَامِهَا، كَعَقْدِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا تَمَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا، وَيَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا نَشَأَ مِنْ آثَارِ الْعَقْدِ.

وَهُنَاكَ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ يَتَوَقَّفُ آثَارُهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015