4 - حَرَمُ مَكَّةَ هُوَ مَا أَحَاطَ بِهَا مِنْ جَوَانِبِهَا، جَعَل اللَّهُ حُكْمَهُ حُكْمَهَا فِي الْحُرْمَةِ. وَلِلْحَرَمِ عَلاَمَاتٌ مُبَيَّنَةٌ، وَهِيَ أَنْصَابٌ مَبْنِيَّةٌ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِهِ، قِيل أَوَّل مَنْ نَصَبَهَا إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ بِدَلاَلَةِ جِبْرِيل لَهُ، فَقِيل نَصَبَهَا إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ تَتَابَعَ ذَلِكَ حَتَّى نَصَبَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ، ثُمَّ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ. (?) (ر: أَعْلاَمُ الْحَرَمِ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْصَابِ الْكُفَّارِ: أَنَّ أَعْلاَمَ الْحَرَمِ عَلاَمَاتٌ تُبَيِّنُ حُدُودَ الْحَرَمِ دُونَ تَقْدِيسٍ أَوْ عِبَادَةٍ، أَمَّا أَنْصَابُ الْكُفَّارِ فَكَانَتْ تُقَدَّسُ وَيُتَقَرَّبُ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ وَيُذْبَحُ عَلَيْهَا.
5 - الذَّبْحُ عَلَى النُّصُبِ كَانَ عَادَةً مِنْ عَادَاتِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ، يَنْصِبُونَ الأَْحْجَارَ وَيُقَدِّسُونَهَا وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهَا بِالذَّبَائِحِ. وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ الذَّبَائِحَ لاَ تَحِل. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَل السَّبْعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} . (?) قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: الْمَعْنَى: وَالنِّيَّةُ فِيهَا تَعْظِيمُ النُّصُبِ.
وَقَال ابْنُ زَيْدٍ: مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَمَا أُهِل بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ.