مَا أَفَادَ طَلَبًا بِالْوَضْعِ، فَيُطْلَبُ بِهِ تَحْصِيل غَيْرِ حَاصِلٍ فِي الْخَارِجِ. فَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ ذِكْرَ الْمَاهِيَّةِ فَهُوَ الاِسْتِفْهَامُ. وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ إِيجَادَ الْمَاهِيَّةِ فَهُوَ أَمْرٌ، أَوِ الْكَفُّ عَنْهَا فَهُوَ نَهْيٌ. وَهَكَذَا.
الثَّانِي: الإِْنْشَاءُ غَيْرُ الطَّلَبِيِّ وَيَذْهَبُ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّ قِسْمَةَ الْكَلاَمِ ثُلاَثِيَّةٌ، فَهُوَ إِمَّا خَبَرٌ، أَوْ طَلَبٌ، أَوْ إِنْشَاءٌ. خَصَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل الطَّلَبَ بِمَا سَمَّاهُ غَيْرُهُمُ الإِْنْشَاءَ الطَّلَبِيَّ، وَالإِْنْشَاءُ لِمَا عَدَاهُ، كَأَلْفَاظِ الْعُقُودِ نَحْوَ: بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ.
قَال التَّهَانُوِيُّ: وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى دُخُول الطَّلَبِ فِي الإِْنْشَاءِ، وَأَنَّ مَعْنَى (اضْرِبْ) مَثَلاً وَهُوَ طَلَبُ الضَّرْبِ، مُقْتَرِنٌ بِلَفْظِهِ. وَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِي يُوجَدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مُتَعَلِّقُ الطَّلَبِ، لاَ الطَّلَبُ نَفْسُهُ.
هَذَا، وَيَدْخُل فِي الإِْنْشَاءِ الطَّلَبِيِّ: الأَْمْرُ وَالنَّهْيُ وَالاِسْتِفْهَامُ وَالتَّمَنِّي وَالنِّدَاءُ. وَيَدْخُل فِي الإِْنْشَاءِ غَيْرِ الطَّلَبِيِّ أَفْعَال الْمَدْحِ وَالذَّمِّ، وَفِعْلاَ التَّعَجُّبِ، وَالْقَسَمُ.
3 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ فِي أَلْفَاظِ الْعُقُودِ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ، وَأَلْفَاظُ الْفُسُوخِ كَطَلَّقْتُ وَأَعْتَقْتُ، وَنَحْوُهَا كَظَاهَرْتُ، وَصِيَغُ قَضَاءِ الْقَاضِي كَقَوْلِهِ: حَكَمْتُ بِكَذَا، أَهِيَ خَبَرٌ أَمْ إِنْشَاءٌ، 4 وَمَحَل الْخِلاَفِ 4 لَيْسَ مَا أُرِيدَ بِهِ الإِْخْبَارُ عَنْ عَقْدٍ سَابِقٍ أَوْ تَصَرُّفٍ سَابِقٍ، كَقَوْل الْقَائِل: أَعْتَقْتُ عَبْدِي أَمْسِ، وَوَقَفْتُ دَارِي الْيَوْمَ، بَل الْخِلاَفُ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ إِنْشَاءُ الْعَقْدِ أَوِ التَّصَرُّفُ، أَيِ اللَّفْظُ الْمُوجِبُ لِذَلِكَ، وَهُوَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول فِي الْعَقْدِ، كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ مَثَلاً.