وَاخْتَلَفُوا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ الإِْثْبَاتِ الآْتِيَةِ، فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ يَقْضِي بِالشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ فِي الأَْمْوَال أَوْ مَا يَئُول إِلَيْهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَيْضًا أَبُو ثَوْرٍ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ الْمَدَنِيُّونَ.

وَذَهَبَ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْل الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي شَيْءٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ اللَّيْثُ مِنْ أَصْحَابِ الإِْمَامِ مَالِكٍ (?) .

وَزَادَ ابْنُ الْغَرْسِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْقَرِينَةَ الْوَاضِحَةَ.

وَقَال الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ الْحَنَفِيُّ: لاَ شَكَّ أَنَّ مَا زَادَهُ ابْنُ الْغَرْسِ غَرِيبٌ خَارِجٌ عَنِ الْجَادَّةِ. فَلاَ يَنْبَغِي التَّعْوِيل عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَضِّدْهُ النَّقْل. (?)

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَمْ يَحْصُرِ الطُّرُقَ فِي أَنْوَاعٍ مُعَيَّنَةٍ، بَل قَال: إِنَّ كُل مَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ وَيُظْهِرُهُ يَكُونُ دَلِيلاً يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي وَيَبْنِي عَلَيْهِ حُكْمَهُ. وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ، وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَابْنِ فَرْحُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.

فَقَدْ جَاءَ فِي الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ: " وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِمَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ وَيُظْهِرُهُ، وَهِيَ تَارَةً تَكُونُ أَرْبَعَةَ شُهُودٍ، وَتَارَةً ثَلاَثَةً، بِالنَّصِّ فِي بَيِّنَةِ الْمُفْلِسِ، وَتَارَةً تَكُونُ شَاهِدَيْنِ، وَشَاهِدًا وَاحِدًا وَامْرَأَةً وَاحِدَةً وَنُكُولاً، وَيَمِينًا، أَوْ خَمْسِينَ يَمِينًا، أَوْ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ. وَتَكُونُ شَاهِدَ الْحَال فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ. فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي (?) أَيْ عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ مَا يُبَيِّنُ صِحَّةَ دَعْوَاهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015