فِي الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ؛ لأَِنَّ الْمَنَافِعَ لاَ يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُهَا بِالْمَعَاصِي. (?)

كَذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ الاِنْتِفَاعَ بِالْمُبَاحِ إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ. وَالاِنْتِفَاعُ بِالْمَنَافِعِ الْعَامَّةِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الإِْضْرَارِ بِالْغَيْرِ. وَالْجُلُوسُ عَلَى الطُّرُقِ الْعَامَّةِ لِلاِسْتِرَاحَةِ أَوِ الْمُعَامَلَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَوَضْعُ الْمِظَلاَّتِ - إِنَّمَا يَجُوزُ إِذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمَارَّةِ. (?)

وَكَذَلِكَ الاِنْتِفَاعُ بِالْمُحَرَّمِ حَال الاِضْطِرَارِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ. فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ يَجُوزُ لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِالْمُحَرَّمَاتِ بِمِقْدَارِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَيَأْمَنُ مَعَهُ الْمَوْتَ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ يَأْكُل مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا؛ لأَِنَّ مَا جَازَ سَدُّ الرَّمَقِ مِنْهُ جَازَ الشِّبَعُ مِنْهُ كَالْمُبَاحِ. بَل الْمَالِكِيَّةُ جَوَّزُوا التَّزَوُّدَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ احْتِيَاطًا خَشْيَةَ اسْتِمْرَارِ حَالَةِ الاِضْطِرَارِ، كَمَا تَدُل عَلَيْهِ نُصُوصُهُمْ. (?)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ، وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ الاِنْتِفَاعُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُ الْهَلاَكَ وَيَسُدُّ الرَّمَقَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُل إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّدَ؛ لأَِنَّ الضَّرُورَةَ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015