مُضْطَجِعًا مَثَلاً مُخْتَارًا لِذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ، يُعْتَبَرُ مُنْتَحِرًا وَقَاتِلاً نَفْسَهُ، وَلِذَلِكَ لاَ قَوَدَ وَلاَ دِيَةَ عَلَى الَّذِي أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ؛ لأَِنَّ هَذَا الْفِعْل لَمْ يَقْتُلْهُ، وَإِنَّمَا حَصَل الْمَوْتُ بِلُبْثِهِ فِيهِ، وَهُوَ فِعْل نَفْسِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ غَيْرُهُ. كَذَلِكَ إِنْ تَرَكَهُ فِي نَارٍ يُمْكِنُهُ الْخَلاَصُ مِنْهَا لِقِلَّتِهَا، أَوْ لِكَوْنِهِ فِي طَرَفٍ مِنْهَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ بِأَدْنَى حَرَكَةٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَاتَ.

وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَوْ تَرَكَهُ فِي نَارٍ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فَلَمْ يَخْرُجْ يَضْمَنُ، لأَِنَّهُ جَانٍ بِالإِْلْقَاءِ الْمُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ. وَفَارَقَ الْمَاءَ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُهْلِكٍ بِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا يَدْخُلُهُ النَّاسُ لِلسِّبَاحَةِ، أَمَّا النَّارُ فَيَسِيرُهَا يُهْلِكُ، وَلأَِنَّ النَّارَ لَهَا حَرَارَةٌ شَدِيدَةٌ، فَرُبَّمَا أَزْعَجَتْهُ حَرَارَتُهَا عَنْ مَعْرِفَةِ مَا يَتَخَلَّصُ بِهِ، أَوْ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ بِأَلَمِهَا وَرَوْعَتِهَا (?) .

ثَالِثًا: تَرْكُ الْعِلاَجِ وَالتَّدَاوِي:

7 - الاِمْتِنَاعُ مِنَ التَّدَاوِي فِي حَالَةِ الْمَرَضِ لاَ يُعْتَبَرُ انْتِحَارًا عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا وَامْتَنَعَ مِنَ الْعِلاَجِ حَتَّى مَاتَ، لاَ يُعْتَبَرُ عَاصِيًا، إِذْ لاَ يَتَحَقَّقُ بِأَنَّهُ يَشْفِيهِ.

كَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلاَجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ لاَ يُعْتَبَرُ مُنْتَحِرًا، بِحَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى جَارِحِهِ، إِذِ الْبُرْءُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنْ عَالَجَ (?) . أَمَّا إِذَا كَانَ الْجُرْحُ بَسِيطًا وَالْعِلاَجُ مَوْثُوقًا بِهِ، كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015