وَمَا دُونَهَا مَوْضِعُ بَيَانِهِ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الْجِنَايَاتِ، وَإِنْ وَرَدَ عَلَى غَيْرِ آدَمِيٍّ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ نَبَاتًا أَوْ جَمَادًا، فَإِنْ كَانَ مَالاً مُبَاحًا لَيْسَ فِيهِ مِلْكٌ لأَِحَدٍ فَلاَ يُضْمَنُ بِالإِْتْلاَفِ - مَعَ مُلاَحَظَةِ مَا قِيل بِالنِّسْبَةِ لِصَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ - وَكَذَا إِذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِحَرْبِيٍّ فَإِنَّهُ لاَ يُضْمَنُ بِالإِْتْلاَفِ. وَإِنْ كَانَ مَالاً مُحْتَرَمًا مَمْلُوكًا وَجَبَ الضَّمَانُ لأَِنَّ الإِْتْلاَفَ اعْتِدَاءٌ وَإِضْرَارٌ. وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (?) وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ (?) وَقَدْ تَعَذَّرَ نَفْيُ الضَّرَرِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ فَيَجِبُ نَفْيُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِالضَّمَانِ، لِيَقُومَ الضَّمَانُ مَقَامَ الْمُتْلَفِ، فَيَنْتَفِي الضَّرَرُ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ. وَلِهَذَا وَجَبَ الضَّمَانُ بِالْغَصْبِ، فَبِالإِْتْلاَفِ أَوْلَى، سَوَاءٌ وَقَعَ الإِْتْلاَفُ لَهُ صُورَةً وَمَعْنًى بِإِخْرَاجِهِ عَنْ كَوْنِهِ صَالِحًا لِلاِنْتِفَاعِ، أَوْ مَعْنًى بِإِحْدَاثِ مَعْنًى فِيهِ يَمْنَعُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهِ مَعَ قِيَامِهِ فِي نَفْسِهِ حَقِيقَةً؛ لأَِنَّ كُل ذَلِكَ اعْتِدَاءٌ وَإِضْرَارٌ (?) .
27 - الإِْتْلاَفُ إِمَّا بِالْمُبَاشَرَةِ وَإِمَّا بِالتَّسَبُّبِ. وَالتَّسَبُّبُ يَكُونُ بِالْفِعْل فِي مَحَلٍّ يُفْضِي إِلَى تَلَفِ غَيْرِهِ عَادَةً. وَكِلاَهُمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقَعُ اعْتِدَاءً وَإِضْرَارًا أَيْضًا (?) .