مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ، وَإِظْهَارُ الإِْرَادَةِ لاَ بُدَّ مِنْهُ، فَلاَ عِبْرَةَ بِالإِْرَادَةِ الْبَاطِنَةِ (?)
يَقُول السَّرَخْسِيُّ: إِنَّ مَا يَكُونُ بِالْقَلْبِ فَهُوَ نِيَّةٌ، وَالنِّيَّةُ وَحْدَهَا لاَ تَكْفِي، وَيَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ الأَْلْفَاظَ بَيْنَ عِبَادِهِ تَعْرِيفًا وَدَلاَلَةً عَلَى مَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ مِنَ الآْخَرِ شَيْئًا عَرَّفَهُ بِمُرَادِهِ وَمَا فِي نَفْسِهِ بِلَفْظِهِ، وَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الإِْرَادَاتِ وَالْمَقَاصِدِ أَحْكَامَهَا بِوَاسِطَةِ الأَْلْفَاظِ، وَلَمْ يُرَتِّبْ تِلْكَ الأَْحْكَامَ عَلَى مُجَرَّدِ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ غَيْرِ دَلاَلَةِ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ، وَلاَ عَلَى مُجَرَّدِ أَلْفَاظٍ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَا لَمْ يُرِدْ مَعَانِيَهَا. (?)
وَصِيغَةُ الإِْقْرَارِ نَوْعَانِ: صَرِيحٌ وَدَلاَلَةٌ. (?) فَالصَّرِيحُ نَحْوُ أَنْ يَقُول: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، لأَِنَّ كَلِمَةَ (عَلَيَّ) كَلِمَةُ إِيجَابٍ لُغَةً وَشَرْعًا. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ. .} (?) وَكَذَا لَوْ قَال لِرَجُلٍ: هَل لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ؟ فَقَال الرَّجُل: نَعَمْ. لأَِنَّ كَلِمَةَ نَعَمْ بِمَثَابَةِ إِعَادَةٍ لِكَلاَمِهِ، وَكَذَا لَوْ قَال: لِفُلاَنٍ فِي ذِمَّتِي أَلْفُ دِرْهَمٍ، لأَِنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ هُوَ الدَّيْنُ، فَيَكُونُ إِقْرَارًا بِالدَّيْنِ.
هَذَا مَا مَثَّل بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَلاَ تَخْرُجُ أَمْثِلَةُ غَيْرِهِمْ عَنْ ذَلِكَ، وَالْعُرْفُ فِي هَذَا هُوَ الْمَرْجِعُ.
وَالأَْمْرُ بِكِتَابَةِ الإِْقْرَارِ إِقْرَارٌ حُكْمًا، إِذِ الإِْقْرَارُ كَمَا يَكُونُ بِاللِّسَانِ يَكُونُ بِالْبَنَانِ، فَلَوْ قَال لِلْكَاتِبِ: اكْتُبْ إِقْرَارًا بِأَلْفٍ عَلَيَّ لِفُلاَنٍ، صَحَّ الإِْقْرَارُ وَاعْتُبِرَ،