وَعَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لاَ بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ بِهِ وَلاَ يَكُونُ تِلْقَائِيًّا بِسَبَبِ السَّفَهِ فَإِنَّ السَّفِيهَ الْمُهْمَل - أَيِ الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ - يَصِحُّ إِقْرَارُهُ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِنِكَاحٍ، وَلاَ بِدَيْنٍ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إِلَى مَا قَبْل الْحَجْرِ، أَوْ إِلَى مَا بَعْدَهُ، وَلاَ يُقْبَل إِقْرَارُهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ فِي حَال الْحَجْرِ، وَكَذَا بِإِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ، أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَال فِي الأَْظْهَرِ. وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ يُقْبَل، لأَِنَّهُ إِذَا بَاشَرَ الإِْتْلاَفَ يَضْمَنُ، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ قُبِل إِقْرَارُهُ، وَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمَا بِالْمَال، وَسَائِرُ الْعُقُوبَاتِ مِثْلُهُمَا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْحَدُّ سَرِقَةً قُطِعَ، وَلاَ يَلْزَمُهُ الْمَال. (?)
وَذَكَرَ الأَْدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ السَّفِيهَ إِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ طَلاَقٍ لَزِمَ - وَيُتْبَعُ بِهِ فِي الْحَال - وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ أُخِذَ بِهِ بَعْدَ رَفْعِ الْحَجْرِ عَنْهُ.
وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ: صِحَّةُ إِقْرَارِ السَّفِيهِ بِالْمَال سَوَاءٌ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لاَ، وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ، وَقِيل: لاَ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَهُوَ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُقْنِعِ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَاخْتَارَهُ هُوَ وَالشَّارِحُ (?) .
19 - أَمَّا الْبُلُوغُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الإِْقْرَارِ (?) فَيَصِحُّ إِقْرَارُ الصَّبِيِّ الْعَاقِل الْمَأْذُونِ لَهُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ، لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ، وَيَصِحُّ