وَمَنِ اتَّصَلَتْ رِدَّتُهُ بِالْمَوْتِ لَمْ يُثَبْ أَيْضًا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ: إِنَّ الرِّدَّةَ عَنِ الإِْسْلاَمِ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (?) } فَمَنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ وَارْتَدَّ انْتَقَضَ هَذَا الْوُضُوءُ بِالرِّدَّةِ ذَاتِهَا وَبِمُجَرَّدِ حُدُوثِهَا؛ لأَِنَّ الْوُضُوءَ عَمَلٌ فَيُحْبَطُ بِنَصِّ الآْيَةِ، وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْحَدَثُ فَأَفْسَدَهَا الشِّرْكُ كَالصَّلاَةِ وَالتَّيَمُّمِ، وَقَالُوا: الآْيَةُ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِيل مِنْهُ الرِّدَّةُ شَرْعًا، فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُشْرِكُ وَلاَ يَقَعُ مِنْهُ إِشْرَاكٌ.
وَرَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَدْبَ الْوُضُوءِ مِنَ الرِّدَّةِ.
وَقَال الصَّاوِيُّ: مَعْنَى إِحْبَاطِ الْعَمَل مِنْ حَيْثُ الثَّوَابِ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ بُطْلاَنِ ثَوَابِهِ إِعَادَتُهُ؛ فَلِهَذَا لاَ يُطَالَبُ بَعْدَهَا بِقَضَاءِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صَلاَةٍ وَصِيَامٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ عَلَى الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ - أَيْ عَوْدَتِهِ إِلَى الإِْسْلاَمِ - بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَلَغَ حِينَئِذٍ، فَوَجَبَ