مُتَفَاوِتُونَ فِي الْحِفْظِ وَالأَْمَانَةِ، وَالْمُودِعُ إِنَّمَا رَضِيَ بِحِفْظِهِ وَأَمَانَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى أَنْ يُودِعَهَا غَيْرَهُ، فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَى أَجْنَبِيٍّ، فَقَدْ صَارَ تَارِكًا الْحِفْظَ الَّذِي الْتَزَمَهُ، مُسْتَحْفِظًا عَلَيْهَا مَنِ اسْتَحْفَظَ مِنْهُ، وَذَلِكَ تَفْرِيطٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ. وَإِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُ حَالَةَ الْعُذْرِ، لأَِنَّ الدَّفْعَ إِلَيْهِ فِيهَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْحِفْظِ، فَكَانَ مَأْذُونًا بِهِ مِنَ الْمَالِكِ دَلاَلَةً، فَارْتَفَعَ سَبَبُ الضَّمَانِ. (?)
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَقَال: لَهُ إِيدَاعُهَا عِنْدَ الأَْجْنَبِيِّ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ إِحْرَازُهَا وَحِفْظُهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَحْفَظُ بِهِ مَالَهُ، فَالإِْنْسَانُ قَدْ يُودِعُ مَال نَفْسِهِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَهُ، كَمَا لَوْ حَفِظَهَا فِي حِرْزِهِ. وَبِأَنَّ