16 - أَمَّا الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ فَتَكُونُ فِيمَا إِذَا أَعْرَضَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْمُوَاضَعَةِ، وَقَال الآْخَرُ: لَمْ يَحْضُرْنِي شَيْءٌ.
وَأَمَّا الصُّورَةُ السَّادِسَةُ فَتَكُونُ فِيمَا إِذَا بَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، وَقَال الآْخَرُ: لَمْ يَحْضُرْنِي شَيْءٌ.
وَقَدْ بَيَّنَ الْحَنَفِيَّةُ حُكْمَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، فَقَالُوا: عَلَى أَصْل أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْحُضُورِ كَالإِْعْرَاضِ، عَمَلاً بِالْعَقْدِ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لأَِنَّ الصِّحَّةَ هِيَ الأَْصْل فِي الْعُقُودِ عِنْدَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ مُغَيِّرٌ.
وَعَلَى أَصْل الصَّاحِبَيْنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْحُضُورِ كَالْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ تَرْجِيحًا لِلْمُوَاضَعَةِ بِالْعَادَةِ وَالسَّبْقِ، فَلاَ يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصُّورَتَيْنِ، وَهَذَا الْحُكْمُ مَأْخُوذٌ مِنْ صُورَةِ اتِّفَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى أَنْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ، فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ الإِْعْرَاضِ، وَعِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ (?) (وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ الْمَذْكُورَةُ آنِفًا) .