لَهُمُ الْمُوَادَعَةُ سَنَةً كَامِلَةً وَجَبَ رَدُّ الْمَال كُلِّهِ إِلَيْهِمْ، وَهَذَا لأَِنَّهُمْ رُبَّمَا يَكُونُ خَوْفُهُمْ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ دُونَ بَعْضٍ، قَدْ يَأْمَنُونَ مَثَلاً الشِّتَاءَ أَنْ يَأْتِيَهُمُ الْعَدُوُّ دُونَ الصَّيْفِ وَيَخَافُونَ ذَلِكَ فِي الصَّيْفِ، فَإِذَا نَبَذَ الْعَهْدَ إِلَيْهِمْ فِي وَقْتِ خَوْفِهِمْ وَمَنَعَ مِنْهُمْ بَعْضَ الْمَال لَمْ يَحْصُل لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ مَقْصُودِهِمْ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الْغُرُورِ فَيَرُدُّ الْمَال كُلَّهُ إِنْ نَبَذَ إِلَيْهِمُ الْعَهْدَ قَبْل مُضِيِّ الْمُدَّةِ.
وَإِنْ كَانُوا وَادَعُوهُ ثَلاَثَ سِنِينَ كُل سَنَةٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقُبِضَ الْمَال كُلُّهُ، ثُمَّ أَرَادَ الإِْمَامُ نَقْضَ الْمُوَادَعَةِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمُ الثُّلُثَيْنِ لأَِنَّ الْمُوَادَعَةَ كَانَتْ هُنَا بِحَرْفِ " الْبَاءِ " وَهُوَ يَصْحَبُ الأَْعْوَاضَ فَيَكُونُ الْمَال عِوَضًا فَيَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوَّضِ بِاعْتِبَارِ الأَْجْزَاءِ (?) .
6 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلاَ يَكْفِي انْتِفَاءُ الْمَفْسَدَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَادَعَتِهِمْ بِلاَ مَصْلَحَةٍ وَلاَ حَاجَةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَْعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (?) } .