أَمَّا هِجْرَةُ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ مُدَّةَ ثَلاَثٍ، فَجَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى إِبَاحَتِهَا اعْتِبَارًا لِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، دَلِيل الْخِطَابِ فِي الْحَدِيثِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْهَا فِي الثَّلاَثِ؛ لأَِنَّ الآْدَمِيَّ مَجْبُولٌ عَلَى الْغَضَبِ وَنَحْوِهِ، فَعُفِيَ عَنِ الْهِجْرَةِ فِي الثَّلاَثَةِ لِيَذْهَبَ ذَلِكَ الْعَارِضُ (?) . قَال الْخَطَّابِيُّ: فَرَخَّصَ لَهُ فِي مُدَّةِ ثَلاَثٍ لِقِلَّتِهَا، وَجُعِل مَا وَرَاءَهَا تَحْتَ الْحَظْرِ (?) وَقَدْ بَيَّنَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ وَجْهَ تَحْدِيدِ التَّرْخِيصِ بِثَلاَثٍ فَقَال (?) : الثَّلاَثُ آخِرُ حَدِّ الْيَسِيرِ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، فَاسْتَخَفَّ فِي الْمُهَاجَرَةِ لِجَرْيِ الْعَادَةِ فِي الطِّبَاعِ بِهَا عِنْدَ وُقُوعِ مَا يُثِيرُهَا. وَالأَْصْل فِي تَحْدِيدِهَا فِي الْهَجْرِ وَغَيْرِهِ قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل: {فَقَال تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ (?) }