أَمَّا إِذَا تَقَابَضَا فَإِنَّ الْهِبَةَ بِعِوَضٍ تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَعَدَمِ الرُّؤْيَةِ، وَيَرْجِعَ فِي حَالَةِ الاِسْتِحْقَاقِ، وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ، وَهَذِهِ كُلُّهَا أَحْكَامُ بَيْعٍ. لَكِنَّ ابْنَ نُجَيْمٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ كَانَ بَيْعًا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (?) .
وَحُجَّتُهُمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي هَذَا الْعَقْدِ لَفْظُ الْهِبَةِ وَمَعْنَى الْبَيْعِ فَيُعْمَل بِالشَّبَهَيْنِ قَدْرَ الإِْمْكَانِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبْضُ وَالْحِيَازَةُ عَمَلاً بِشِبْهِ الْهِبَةِ، وَيَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَعَدَمِ الرُّؤْيَةِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ عَمَلاً بِشِبْهِ الْبَيْعِ (?) .
الْقَوْل الثَّالِثُ: نَقَل أَبُو الْخَطَّابِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ. فَلاَ تَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ الْخَاصَّةُ.
وَانْتَصَرَ الْحَارِثِيُّ لِهَذَا الْقَوْل وَقَال: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفَسَّرَ الْقَاضِي هَذَا الرَّأْيَ قَائِلاً: الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لَيْسَتْ بَيْعًا، وَإِنَّمَا الْهِبَةُ تَارَةً تَكُونُ تَبَرُّعًا، وَتَارَةً تَكُونُ بِعِوَضٍ، وَكَذَلِكَ