الإِْيجَابِ هِبَةً شَرْعًا بِدُونِ قَبُولٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنِ الإِْيجَابُ بِدُونِ الْقَبُول فِي الْبَيْعِ بَيْعًا، كَذَلِكَ هُنَا.
الثَّانِي: ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ مُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الْقَبُول لَيْسَ رُكْنًا فِي صِيغَةِ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا رُكْنُهَا الإِْيجَابُ فَقَطْ اسْتِحْسَانًا (?) .
وَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ: أَنَّ مَعْنَى الْهِبَةِ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مُجَرَّدِ إِيجَابِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَبُول، وَإِنَّمَا يُطْلَبُ الْقَبُول وَالْقَبْضُ لِثُبُوتِ حُكْمِهَا لاَ لِوُجُودِهَا بِنَفْسِهَا، فَإِذَا أَوْجَبَ فَقَدْ أَتَى بِالْهِبَةِ فَتُرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا.
وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ وُقُوعَ التَّصَرُّفِ هِبَةً لاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُول هُوَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: لاَ تَجُوزُ الْهِبَةُ إِلاَّ مَقْبُوضَةً مَحُوزَةً (?) ، وَجْهُ الدَّلاَلَةِ فِيهِ أَنَّهُ أَطْلَقَ اسْمَ الْهِبَةِ بِدُونِ الْقَبْضِ وَالْحِيَازَةِ.