إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ:
فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ، كَالأَْمْوَال الَّتِي يَفْرِضُهَا الإِْمَامُ عَلَى النَّاسِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ أَوْ فِدَاءِ الأُْسَارَى إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال شَيْءٌ، فَهَذَا لاَ يَجُوزُ الاِمْتِنَاعُ عَنْ أَدَائِهِ، بَل هُوَ وَاجِبُ الأَْدَاءِ؛ لأَِنَّهُ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْغَنِيَّةِ: قَال أَبُو جَعْفَرٍ الْبَلْخِيُّ: مَا يَضْرِبُهُ السُّلْطَانُ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَصْلَحَةً لَهُمْ يَصِيرُ دَيْنًا وَاجِبَ الأَْدَاءِ وَحَقًّا مُسْتَحِقًّا كَالْخَرَاجِ، وَقَال مَشَايِخُنَا: وَكُل مَا يَضْرِبُهُ الإِْمَامُ عَلَى النَّاسِ لِمَصْلَحَةٍ لَهُمْ فَالْجَوَابُ هَكَذَا، حَتَّى أُجْرَةُ الْحُرَّاسِ لِحِفْظِ الطَّرِيقِ وَنَصْبِ الدُّرُوبِ وَأَبْوَابِ السِّكَكِ، ثُمَّ قَال: فَعَلَى هَذَا مَا يُؤْخَذُ فِي خَوَارِزْمَ مِنَ الْعَامَّةِ لإِِصْلاَحِ مُسَنَّاةِ الْجَيْحُونِ أَوِ الرَّبَضِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَصَالِحِ الْعَامَّةِ هُوَ دَيْنٌ وَاجِبُ الأَْدَاءِ، لاَ يَجُوزُ الاِمْتِنَاعُ عَنْهُ وَلَيْسَ بِظُلْمٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي بَيْتِ الْمَال مَا يَكْفِي لِذَلِكَ (?) .
أَمَّا الْجَائِزُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَا يُدْفَعُ كَأُجْرَةٍ لِمَنْ يَحْرُسُ الْمُسَافِرِينَ لِحَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ مَا يَأْخُذُونَهُ هُوَ الْمُعْتَادَ، لاَ مَا كَانَ كَثِيرًا يُجْحِفُ