الْمَصْلَحَةِ هُنَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَل الإِْمَامُ ذَلِكَ بَطَلَتْ شَوْكَةُ الإِْمَامِ، وَصَارَتْ دِيَارُهُ عُرْضَةً لاِسْتِيلاَءِ الْكُفَّارِ، وَإِنَّمَا نِظَامُ ذَلِكَ كُلُّهُ شَوْكَةُ الإِْمَامِ، فَالَّذِينَ يُحَذِّرُونَ مِنَ الدَّوَاعِي لَوْ تَنْقَطِعُ عَنْهُمُ الشَّوْكَةُ - أَيْ لَوْ ضَعُفَ الْجَيْشُ عَنِ الدِّفَاعِ - يَسْتَحْقِرُونَ بِالإِْضَافَةِ إِلَيْهَا أَمْوَالَهُمْ كُلَّهَا، فَضْلاً عَنِ الْيَسِيرِ مِنْهَا، فَإِذَا عُورِضَ هَذَا الضَّرَرُ الْعَظِيمُ بِالضَّرَرِ اللاَّحِقِ بِهِمْ بِأَخْذِ الْبَعْضِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَلاَ يَتَسَاوَى فِي تَرْجِيحِ الثَّانِي عَنِ الأَْوَّل، وَهُوَ مَا يُعْلَمُ مِنْ مَقْصُودِ الشَّرْعِ قَبْل النَّظَرِ فِي الشَّوَاهِدِ (?) .
وَيَقُول الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى: مَا كَانَ مُسْتَحِقًّا عَلَى بَيْتِ الْمَال عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَالإِْرْفَاقِ دُونَ الْبَدَل، فَاسْتِحْقَاقُهُ مُعْتَبَرٌ بِالْوُجُودِ دُونَ الْعَدَمِ، فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي بَيْتِ الْمَال وَجَبَ فِيهِ وَسَقَطَ فَرْضُهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا سَقَطَ وُجُوبُهُ عَنْ بَيْتِ الْمَال، وَكَانَ إِنْ عَمَّ ضَرَرُهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى يَقُومَ بِهِ مِنْهُمْ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ، وَذَلِكَ كَالْجِهَادِ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يَعُمُّ ضَرَرُهُ كَوُعُورِ طَرِيقٍ قَرِيبٍ، يَجِدُ النَّاسُ طَرِيقًا غَيْرَهُ بَعِيدًا، أَوِ