أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ وَفَدَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ فَقَطَعَ لَهُ، فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَال رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعَذْبَ، قَال: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ (?) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ حُكْمَ الْمَعْدِنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعْدِنَ عَيْنٍ (الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) أَوْ غَيْرَهُمَا كَالْقَصْدِيرِ وَالْعَقِيقِ وَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْمَغْرَةِ وَالْكِبْرِيتِ لِلإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَال لِمَنَافِعِهِمْ لاَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ وُجِدَ بِأَرْضِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَلاَ يَخْتَصُّ بِهِ رَبُّ الأَْرْضِ، إِلاَّ أَرْضَ الصُّلْحِ إِذَا وُجِدَ بِهَا مَعْدِنٌ فَلَهُمْ وَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ، فَإِنْ أَسْلَمُوا رَجَعَ الأَْمْرُ لِلإِْمَامِ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
وَإِذَا أَقْطَعَ الإِْمَامُ الْمَعْدِنَ لِشَخْصٍ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لِبَيْتِ الْمَال، فَلاَ يَأْخُذُ الإِْمَامُ عَنْهُ إِلاَّ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ. قَال الْبَاجِيُّ: وَإِذَا أَقْطَعَهُ فَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ انْتِفَاعًا لاَ تَمْلِيكًا، وَلاَ يَجُوزُ لِمَنْ أَقْطَعَهُ لَهُ الإِْمَامُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَلاَ يُورَثُ عَمَّنْ أَقْطَعَهُ لَهُ؛ لأَِنَّ مَا لاَ يُمْلَكُ لاَ يُورَثُ (?) .