فَالرِّيَاءُ أَمْرٌ يَتَّصِفُ بِهِ الْمُنَافِقُونَ فِي أَعْمَال الإِْيمَانِ الَّتِي يَتَظَاهَرُونَ بِهَا، كَمَا قَدْ يَتَّصِفُ بِهِ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ كَانَ صَحِيحَ الإِْيمَانِ، وَلَكِنْ يَعْرِضُ لَهُ الرِّيَاءُ.
5 - قَال ابْنُ رَجَبٍ: النِّفَاقُ فِي الشَّرْعِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ:
الأَْوَّل: النِّفَاقُ الأَْكْبَرُ، وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ الإِْنْسَانُ الإِْيمَانَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَيُبْطِنُ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ. وَهَذَا هُوَ النِّفَاقُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَل الْقُرْآنُ بِذَمِّ أَهْلِهِ وَتَكْفِيرِهِمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الأَْسْفَل مِنَ النَّارِ.
وَالثَّانِي: النِّفَاقُ الأَْصْغَرُ، أَوْ نِفَاقُ الْعَمَل، وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ الإِْنْسَانُ عَلاَنِيَةً صَالِحَةً، وَيُبْطِنَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (?) .
وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ كُل مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ وَعِيدٍ لِلْكَافِرِينَ يَدْخُل فِيهِ أَهْل النِّفَاقِ الأَْكْبَرِ؛ لأَِنَّ كُفْرَهُمُ اعْتِقَادِيٌّ حَقِيقِيٌّ، لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الإِْيمَانِ شَيْءٌ. وَحَيْثُ قُرِنَ الْكُفَّارُ بِالْمُنَافِقِينَ فِي وَعِيدٍ، يُرَادُ بِالْكُفَّارِ مَنْ كَانَ كُفْرُهُمْ مُعْلَنًا ظَاهِرًا، وَبِالْمُنَافِقِينَ أَهْل الْكُفْرِ الْبَاطِنِ (?) .