فَهَذِهِ الأَْحَادِيثُ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ كُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمِنْهَا مَا يَدُل عَلَى تَسْمِيَةِ كُل مُسْكِرٍ خَمْرًا، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {كُل مُسْكِرٍ خَمْرٌ} . كَمَا يَدُل بَعْضُهَا عَلَى أَنَّ الْمُسْكِرَ حَرَامٌ لِعَيْنِهِ، قَل أَوْ كَثُرَ، سَكِرَ مِنْهُ شَارِبُهُ أَوْ لَمْ يَسْكَرْ، وَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ (?) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ النِّيءَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ، وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، هُوَ الْخَمْرُ الَّتِي يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا إِلاَّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، لأَِنَّهَا مُحَرَّمَةُ الْعَيْنِ، فَيَسْتَوِي فِي الْحُرْمَةِ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا. أَمَّا عَصِيرُ غَيْرِ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ، أَوِ الْمَطْبُوخُ مِنْهُمَا بِشَرْطِهِ، فَلَيْسَ حَرَامًا لِعَيْنِهِ (?) . وَمِنْ هُنَا فَلاَ يَحْرُمُ إِلاَّ السُّكْرُ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ. وَأَمَّا السَّكَرُ وَالْفَضِيخُ وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ، فَيَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الأَْحَادِيثِ، وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: {الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ} . (?) وَأَشَارَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ