قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَمَعَ أَنَّ فُقَهَاءَ الْحَنَفِيَّةِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ نَصًّا فِي كُتُبِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ أَطْلَقُوا عِبَارَاتِهِمْ عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَنْ حُكْمِ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ، فَقَالُوا بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، وَقَدْ أَجَازُوا مَسَّ الْمَرْأَةِ الْعَجُوزِ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ إِلَيْهَا جَائِزٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، لأَِنَّ حُكْمَ الْمَسِّ أَغْلَظُ مِنَ النَّظَرِ.
وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا جَوَازَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا فَيَدْخُل فِيهِ الْعَجُوزُ وَالشَّابَّةُ. إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَرَقَّ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، فَقَال بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ وَكَفَّيْهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الاِسْتِدَامَةِ وَالتَّرْدَادِ فِيهِ، وَأَمَّا النَّظَرُ إِلَى الْعَجُوزِ فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ (?) .
وَإِلَى مِثْل ذَلِكَ ذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ كَالرُّويَانِيِّ وَالأَْذْرُعِيِّ، فَقَالُوا بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ الْعَجُوزِ الَّتِي لاَ تُشْتَهَى وَكَفَّيْهَا، وَهُوَ خِلاَفُ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَقَال الرَّمْلِيُّ: إِنَّهُ ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ (?) .