اشْتِبَاهٌ عِنْدَ التَّوْرِيثِ، إِذْ لاَ يُدْرَى أَيُّهُمْ أَسْبَقُ مَوْتًا، وَلِذَا فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ قَالُوا: يَمْتَنِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّمَا تُوَزَّعُ تَرِكَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى وَرَثَتِهِ الأَْحْيَاءِ دُونَ اعْتِبَارٍ لِمَنْ مَاتَ مَعَهُ، إِذْ لاَ تَوَارُثَ بِالشَّكِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لاِحْتِمَال مَوْتِهِمْ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ، فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الاِسْتِحْقَاقِ، وَاسْتِحْقَاقُ الأَْحْيَاءِ مُتَيَقَّنٌ، وَالشَّكُّ لاَ يُعَارِضُ الْيَقِينَ (?) . وَتَفْصِيلُهُ فِي (إِرْثٌ) .
19 - مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرٌ مَا فَإِنَّ إِزَالَةَ الاِشْتِبَاهِ تَكُونُ عَنْ طَرِيقِ التَّحَرِّي، أَوِ الأَْخْذِ بِالْقَرَائِنِ، أَوِ اسْتِصْحَابِ الْحَال، أَوِ الأَْخْذِ بِالاِحْتِيَاطِ، أَوْ بِإِجْرَاءِ الْقُرْعَةِ وَنَحْوِهَا. وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ مَا تَقَدَّمَ.
أ - التَّحَرِّي:
20 - وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الشَّيْءِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَقَدْ جُعِل التَّحَرِّي حُجَّةً حَال الاِشْتِبَاهِ وَفَقْدِ الأَْدِلَّةِ، لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنِ الْوُصُول إِلَى الْمُتَحَرَّى عَنْهُ. وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الْعَمَل صَوَابًا فِي الشَّرْعِ. (?)
فَمَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ مَثَلاً، وَلَمْ يَجِدْ سَبِيلاً لِمَعْرِفَتِهَا تَحَرَّى. لِمَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَال: كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُل رَجُلٍ مِنَّا عَلَى حِيَالِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَل قَوْل