الْحَقَّ قَبْل ذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ بِالْفِعْل، فَلاَ يُتَصَوَّرُ وُرُودُ الإِْسْقَاطِ عَلَيْهِ، فَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَلاَ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ لاَ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا، وَإِنَّمَا مُجَرَّدُ وَعْدٍ لاَ يَلْزَمُ مِنْهُ الإِْسْقَاطُ مُسْتَقْبَلاً، كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْل الْبَيْعِ، وَإِسْقَاطِ الْحَاضِنَةِ حَقَّهَا فِي الْحَضَانَةِ قَبْل وُجُوبِهَا، فَكُل هَذَا لاَ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا، وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ عَنِ الْحَقِّ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَالْعَوْدُ إِلَى الْمُطَالَبَةِ بِالْحَقِّ.

60 - أَمَّا إِذَا لَمْ يَجِبِ الْحَقُّ، وَلَكِنْ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ، فَفِي صِحَّةِ الإِْسْقَاطِ حِينَئِذٍ اخْتِلاَفُ الْفُقَهَاءِ:

فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يَصِحُّ الإِْسْقَاطُ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَقَبْل الْوُجُوبِ.

فَقَدْ جَاءَ فِي بَدَائِعِ الصَّنَائِعِ (?) : الإِْبْرَاءُ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ قَبْل الْوُجُوبِ جَائِزٌ، كَالإِْبْرَاءِ عَنِ الأُْجْرَةِ قَبْل مُضِيِّ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (?) : الإِْبْرَاءُ عَنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ جَائِزٌ.

وَفِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُغْنِي: إِنْ عَفَا مَجْرُوحٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَنْ قَوَدِ نَفْسِهِ أَوْ دِيَتِهَا صَحَّ عَفْوُهُ، لإِِسْقَاطِهِ حَقَّهُ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِهِ. (?)

وَفِي فَتْحِ الْعَلِيِّ الْمَالِكِ (?) وَرَدَتْ عِدَّةُ مَسَائِل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015