وَقَال النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ بَعْدَ بُلُوغِهِ الإِْمَامَ، فَأَمَّا قَبْل بُلُوغِهِ الإِْمَامَ فَقَدْ أَجَازَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَشْفُوعُ فِيهِ صَاحِبَ شَرٍّ وَأَذًى لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْفَعْ فِيهِ. (?)

48 - وَيُلاَحَظُ أَنَّ السَّرِقَةَ، وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ فِيهَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ، إِلاَّ أَنَّ الْجَانِبَ الشَّخْصِيَّ فِيهَا مُتَحَقِّقٌ نَاحِيَةَ الْمَال، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ مِنَ الْمَال. (?) أَمَّا الْحَدُّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ قَبْل الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلاَ يَجُوزُ. لَكِنْ قَال الْحَنَفِيَّةُ - غَيْرُ زُفَرَ، وَرِوَايَةٌ لأَِبِي يُوسُفَ - لَوْ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مَلَّكَ الْمَسْرُوقَ لِلسَّارِقِ سَقَطَ الْحَدُّ. (?)

وَالْقَذْفُ مِمَّا يَجْتَمِعُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ، مَعَ الاِخْتِلاَفِ فِي تَغْلِيبِ أَحَدِهِمَا، وَعَلَى الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَفْوُ فِيهِ (أَيِ الإِْسْقَاطُ) قَبْل التَّرَافُعِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلاَ يَجُوزُ بَعْدَ الرَّفْعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوا الْعَفْوَ بَعْدَ التَّرَافُعِ بِمَا إِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ يُرِيدُ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ. وَلاَ يُشْتَرَطُ هَذَا الْقَيْدُ بَيْنَ الاِبْنِ وَأَبِيهِ. وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَفْوُ كَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلإِْمَامِ. (?)

وَأَمَّا التَّعْزِيرُ، فَمَا كَانَ مِنْهُ حَقًّا لِلآْدَمِيِّ جَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَمَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى الإِْمَامِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015