أَنَّهُ قَال: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِِذَا دَفَعَ مَالاً مُضَارَبَةً اشْتَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لاَ يَسْلُكَ بِهِ بَحْرًا، وَلاَ يَنْزِل بِهِ وَادِيًا، وَلاَ يَشْتَرِيَ بِهِ ذَاتَ كَبِدٍ رَطْبَةٍ، فَإِِِنْ فَعَل فَهُوَ ضَامِنٌ، فَرُفِعَ شَرْطُهُ إِِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَازَهُ (?) وَكَذَا بُعِثَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَتَعَاقَدُونَ الْمُضَارَبَةَ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ تَقْرِيرٌ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَالتَّقْرِيرُ أَحَدُ وُجُوهِ السُّنَّةِ.
وَأَمَّا الإِِِْجْمَاعُ: فَإِِِنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ دَفَعُوا مَال الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً، مِنْهُمْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْرَانِهِمْ أَحَدٌ، وَمِثْلُهُ يَكُونُ إِِجْمَاعًا، وَعَلَى هَذَا تَعَامَل النَّاسُ مِنْ لَدُنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ إِِنْكَارٍ مِنْ أَحَدٍ، وَإِِِجْمَاعُ أَهْل كُل عَصْرٍ حُجَّةٌ، فَتُرِكَ بِهِ الْقِيَاسُ (?) .
وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهَا: شُرِعَتْ لأَِنَّ الضَّرُورَةَ دَعَتْ إِِلَيْهَا، لِحَاجَةِ النَّاسِ إِِلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَتَنْمِيَتِهَا بِالتِّجَارَةِ فِيهَا، وَلَيْسَ كُل أَحَدٍ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَاضْطُرَّ فِيهَا إِِلَى