لأَِنَّ هَذَا الْحَدَّ شُرِعَ زَاجِرًا لاَ مُهْلِكًا، وَيَكُونُ الضَّرْبُ وَسَطًا، لاَ مُبَرِّحًا وَلاَ خَفِيفًا، وَلاَ يُجْمَعُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ، وَيَتَّقِي الْمَقَاتِل، وَهِيَ الرَّأْسُ وَالْوَجْهُ وَالْفَرْجُ، لِمَا فِيهَا مِنْ خَوْفِ الْهَلاَكِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَلاَّدُ عَاقِلاً بَصِيرًا بِأَمْرِ الضَّرْبِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ لِلتَّحَرُّزِ عَنِ التَّعَدِّي وَالإِْسْرَافِ. (?)

فَإِنْ أَتَى بِالْحَدِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِسْرَافٍ لاَ يَضْمَنُ مَنْ تَلِفَ بِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ بِالسَّلاَمَةِ، أَمَّا إِذَا أَسْرَفَ وَزَادَ عَلَى الْحَدِّ فَتَلِفَ الْمَحْدُودُ وَجَبَ الضَّمَانُ بِالاِتِّفَاقِ. (?)

وَيُنْظَرُ تَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مَوَاضِعِهَا.

الإسراف في التعزير:

ج - الإِْسْرَافُ فِي التَّعْزِيرِ:

26 - التَّعْزِيرُ هُوَ: التَّأْدِيبُ عَلَى ذُنُوبٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا حَدٌّ وَلاَ كَفَّارَةٌ. وَهُوَ عُقُوبَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْجِنَايَةِ وَأَحْوَال النَّاسِ، فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ، وَمِقْدَارِ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ الْجَانِي، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْزَجِرُ بِالْيَسِيرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ يَنْزَجِرُ إِلاَّ بِالْكَثِيرِ (?) ، وَلِهَذَا قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ فِي الضَّرْبِ لِلتَّأْدِيبِ أَلاَّ يَكُونَ مُبَرِّحًا، وَلاَ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ، وَلاَ عَلَى الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ تَأْدِيبًا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الصَّلاَحُ لاَ غَيْرُ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015