أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ مِنَ الْمُحَرَّمِ هُوَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ، فَمَنْ زَادَ عَنْ هَذَا الْمِقْدَارِ يُعْتَبَرُ مُجَاوِزًا لِلْحَدِّ. (?) فَلاَ يَجُوزُ لَهُ الأَْكْل إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ وَالتَّزَوُّدِ بِالْمُحَرَّمِ، لأَِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَيَّدَ جَوَازَ الاِنْتِفَاعِ بِالْمُحَرَّمِ فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ بِقَوْلِهِ: {غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} ، وَالْمُرَادُ أَلاَّ يَكُونَ الْمُضْطَرُّ بَاغِيًا فِي أَكْل الْمُحَرَّمِ تَلَذُّذًا، وَلاَ مُتَعَدِّيًا بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، فَيَكُونُ مُسْرِفًا فِي الأَْكْل إِذَا تَنَاوَل مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْسِكُ الرَّمَقَ، فَمَتَى أَكَل بِمِقْدَارِ مَا يَزُول عَنْهُ الْخَوْفُ مِنَ الضَّرَرِ فِي الْحَال فَقَدْ زَالَتِ الضَّرُورَةُ، وَلاَ اعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ لِسَدِّ الْجَوْعَةِ، لأَِنَّ الْجُوعَ فِي الاِبْتِلاَءِ لاَ يُبِيحُ أَكْل الْمَيْتَةِ إِذَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يَتْرُكُهُ (?)

وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا، لأَِنَّ مَا جَازَ سَدُّ الرَّمَقِ بِهِ جَازَ الشِّبَعُ مِنْهُ كَالْمُبَاحِ، بَل الْمَالِكِيَّةُ جَوَّزُوا التَّزَوُّدَ مِنَ الْمَيْتَةِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ يَأْكُل مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ، وَيَتَزَوَّدُ مِنْهَا، فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا، لأَِنَّ الْمُضْطَرَّ لَيْسَ مِمَّنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمَيْتَةُ، فَإِذَا كَانَتْ حَلاَلاً لَهُ الأَْكْل مِنْهَا مَا شَاءَ، حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهَا فَتَحْرُمَ عَلَيْهِ، (?) وَجَوَازُ التَّزَوُّدِ لِلْمُضْطَرِّ مِنْ لَحْمِ الْمَيْتَةِ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (?) وَعَلَى ذَلِكَ فَالأَْكْل إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ لاَ يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا عِنْدَ هَؤُلاَءِ، كَمَا أَنَّ التَّزَوُّدَ مِنَ الْمَيْتَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015