أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَال: نَعَمْ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ (?) .

وَقَال مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ: لاَ حَجَّ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَسْتَطِيعَ بِنَفْسِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (?) ، وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ، وَلأَِنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ لاَ تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَلاَ تَدْخُلُهَا مَعَ الْعَجْزِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ.

وَإِذَا عُوفِيَ مِنْ مَرَضِهِ بَعْدَ مَا أَحَجَّ غَيْرَهُ عَنْ نَفْسِهِ، يَلْزَمُهُ حَجٌّ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ هَذَا الْحَجَّ بَدَل إِيَاسٍ، فَإِذَا بَرَأَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْهُ، فَلَزِمَهُ الأَْصْل، قِيَاسًا عَلَى الآْيِسَةِ إِذَا اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ، ثُمَّ حَاضَتْ لاَ يُجْزِئُهَا تِلْكَ الْعِدَّةُ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ لأَِنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنَ الْعُهْدَةِ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْرَأْ، وَلأَِنَّهُ أَدَّى حَجَّةَ الإِْسْلاَمِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ ثَانٍ كَمَا لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ.

وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَالاً يَسْتَنِيبُ بِهِ فَلاَ حَجَّ عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015