الرُّتَبِ، وَجَازَ الْمَدْحُ - أَيْ لِغَيْرِهِمْ كَمَا صَرَّحَ ابْنُ أَحْمَدَ - لأَِنَّهُ يُورِثُ زِيَادَةَ الْمَحَبَّةِ وَالأُْلْفَةِ وَاجْتِمَاعَ الْقُلُوبِ.
ثُمَّ قَال الْخَادِمِي: لَكِنْ جَوَازُهُ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ:
الأَْوَّل: أَنْ لاَ يَكُونَ الْمَدْحُ لِنَفْسِهِ لأَِنَّ تَزْكِيَةَ النَّفْسِ لاَ تَجُوزُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (?) لَكِنْ إِنْ كَانَ يَقْصِدُ التَّحْدِيثَ بِالنِّعْمَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ جَائِزٌ بَل قَدْ يُسْتَحَبُّ، وَفِي حُكْمِ مَدْحِ النَّفْسِ مَدْحُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الأَْوْلاَدِ وَالآْبَاءِ وَالتَّلاَمِذَةِ وَالتَّصَانِيفِ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يَسْتَلْزِمُ مَدْحَ الْمَادِحِ.
وَالثَّانِي: الاِحْتِرَازُ عَنِ الإِْفْرَاطِ فِي الْمَدْحِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْكَذِبِ وَالرِّيَاءِ، وَعَنِ الْقَوْل بِمَا لاَ يَتَحَقَّقُهُ، وَلاَ سَبِيل لَهُ إِلَى الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ كَالتَّقْوَى وَالْوَرَعِ وَالزُّهْدِ لِكَوْنِهَا مِنْ أَحْوَال الْقُلُوبِ، فَلاَ يَجْزِمُ الْقَوْل بِمِثْلِهَا بَل يَقُول: أَحْسَبُ وَنَحْوُهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ لاَ يَكُونَ الْمَمْدُوحُ فَاسِقًا، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ وَإِنَّمَا يَغْضَبُ اللَّهُ لأَِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِمُجَانَبَتِهِ وَإِبْعَادِهِ، فَمَنْ مَدَحَهُ فَقَدْ وَصَل مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ