هـ - اسْتِيفَاءُ الْمُسْتَعِيرِ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَعَارَهُ:
23 - أَوْرَدَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَحْكَامَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي الإِْعَارَةِ فَقَال: وَإِنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَتِهِ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ، لأَِنَّ وَكِيلَهُ نَائِبٌ عَنْهُ، وَيَدُهُ كَيَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَمْلِكِ الْمَنَافِعَ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَهَا، وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لاَ يَمْلِكُ الْعَيْنَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَال الْمُعَارِ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، أَمَّا إِعَارَتُهُ لِغَيْرِهِ فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (إِعَارَةٌ) .
و النِّيَابَةُ فِي الاِسْتِيفَاءِ:
24 - أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ عَلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ، لأَِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْجَمِيعِ بِنَفْسِهِ، لأَِنَّ أَسْبَابَ وُجُوبِهَا تُوجَدُ فِي أَقْطَارِ دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَلاَ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إِلَيْهَا، وَفِي الإِْحْضَارِ إِلَى مَكَانِ الإِْمَامِ حَرَجٌ عَظِيمٌ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الاِسْتِخْلاَفُ لَتَعَطَّلَتِ الْحُدُودُ وَهَذَا لاَ يَجُوزُ، وَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَجْعَل إِلَى أُمَرَائِهِ تَنْفِيذَ الأَْحْكَامِ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ.
وَالاِسْتِخْلاَفُ نَوْعَانِ: تَنْصِيصٌ، وَتَوْلِيَةٌ.
أَمَّا التَّنْصِيصُ: فَهُوَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ، فَيَجُوزُ لِلنَّائِبِ إِقَامَتُهَا بِلاَ شَكٍّ.
وَالتَّوْلِيَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: خَاصَّةٌ، وَعَامَّةٌ.
فَالْعَامَّةُ: هِيَ أَنْ يُوَلِّيَ الإِْمَامُ رَجُلاً وِلاَيَةً عَامَّةً، مِثْل إِمَارَةِ إِقْلِيمٍ أَوْ بَلَدٍ عَظِيمٍ، فَيَمْلِكُ الْمُوَلَّى إِقَامَةَ الْحُدُودِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا، لأَِنَّهُ لَمَّا قَلَّدَهُ إِمَارَةَ ذَلِكَ