وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَالِيَّتِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا؛ لأَِنَّ صِفَةَ الْمَالِيَّةِ لِلشَّيْءِ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّمَوُّل، وَالتَّمَوُّل يَعْنِي صِيَانَةَ الشَّيْءِ وَادِّخَارَهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَنَافِعُ لاَ تَبْقَى زَمَانَيْنِ، لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا، فَكُلَّمَا تَخْرُجُ مِنْ حَيِّزِ الْعَدَمِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُودِ تَتَلاَشَى، فَلاَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّمَوُّل.

غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَعْتَبِرُونَ الْمَنَافِعَ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً إِذَا وَرَدَ عَلَيْهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، كَمَا فِي الإِْجَارَةِ، وَذَلِكَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، وَمَا كَانَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لاَ يُقَاسُ (?) .

وَالثَّانِي لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ بِذَاتِهَا؛ لأَِنَّ الأَْعْيَانَ لاَ تُقْصَدُ لِذَاتِهَا، بَل لِمَنَافِعِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ أَعْرَافُ النَّاسِ وَمُعَامَلاَتُهُمْ.

وَلأَِنَّ الشَّرْعَ قَدْ حَكَمَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مَالاً عِنْدَمَا جَعَلَهَا مُقَابَلَةً بِالْمَال فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ، وَهُوَ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَكَذَا عِنْدَمَا أَجَازَ جَعْلَهَا مَهْرًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَلأَِنَّ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهَا أَمْوَالاً تَضْيِيعًا لِحُقُوقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015